و من الحب ما قتل...

من طرف **المتيم** الأحد أغسطس 21, 2011 11:06 pm

هذه المقولة صحيحة جدا، و لكن في هذه القصة لا يوجد قتيل على وجه الحقيقة و لا يوجد قاتل بمفهوم هذه الكلمة، هو شاب رآها فأحبها، و كتب لها شعرا ؛ قد لا يكون من ذلك الشعر الذي يعمر طويلا، و لكنه مهما يكن من أمر فهو كتبه من صميم روحه، و من إبداعه الخاص. ما كان يعرف ما هو الحب؟؟؟ و ما كان ليعرفه لولاها.
و بين الأخذ و الرد بينه و بين جوانحه تارة و بينه و بين نفسه تارة أخرى قرر أن يعترف لها بهذا الشيء الذي اختلج في صدره وقت شاهدها.
كان كبرياؤه يشكل حاجزا أو سدا كبيرا بينه و بينها، و هذا الكبرياء في مجتمعنا الشرقي مشكلة كبيرة، فالشخص يكون غارقا في الحب و لكن كبرياءه يمنعه من البوح بمشاعره، و بعد استشارة الأصدقاء، و بعد البكاء الطويل، و بعد سهر الليالي، قرر أن يبوح لها بمكنونات نفسه.
تربص لها و لو كانت هذه المفردة تستخدم للصيد و للصيادين، و لكنني أعي و أقصد ما أقول، فهو قد وقف ينتظرها صبحا و مساءا، و كان يعشق مرآها، إلا أن رآها ذات صباح بمفردها، فرمى السلام و ردت عليه السلام، و لكنه خجل خجلا كبيرا، و خشي أن تصده. لكن في المرة الثانية تشجع أكثر و اقترب منها بعد أن حياها و مد يده كي تأخذ منه رسالة قد خطها بحروف معذبة، و لكنها رفضت أن تستلمها و صدته ،و سببت له ألما كبيرا.
لا أستطيع أن أقول إنها ظلمته أو قتلته، و لكنها رفضت الإصغاء إليه، كان يبوح لي بمشاعره، و كنت أراها في عينيه عندما يتحدث عنها، يحبها، لا لا لا يعشقها، و ما قدر حتى ساعة كتابة هذا الموضوع أن ينساها، كيف ينسى الحبيب الأول؟
قالها لي أكثر من مرة، إنه هائم بها، و لكن في أكثر المرات كان يتوه في الكلمات و يغوص في بحر اللغات، لينهل كلمة يصفها بها. أحب أول شيء فيها عينيها، فهي على حد تعبيره قواتل، و كان يستشهد بقول جرير: إن العيون التي في طرفها حور... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
أحب الحياة ، و بلمحة البصر تهدمت أحلامه، ما عرف النسيان، و حارب الزمان، و تنكر للمكان، كان يريد خطبتها، و لكن قد سبقه شخص آخر، محققا بذلك ما قال الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتمنها ...فإن لكل خافقة سكون
فإن لاحت لك فرصة من الفرص اغتنمها بسرعة. و حدث ما كان يخشاه، فقد تم خطبة الفتاة ((القاتلة البريئة))، و زفت بعد فترة، معلنة نهاية حلم شاب عاشق، و بداية حكاية جديدة من حكايات الحياة اللامتناهية ، أذكر وقتها أنه قد حل به المرض، و لازمه فترة طويلة، قلبها في رأسه، كانت الأمور تسير بسرعة تفوق سرعته، فهو شاب في بدايات الطريق، و هي شابة في أول عمرها، كان يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تقوى عظامه و يشتد بأسه، و لكن المغانم لا تنتظر من يأخذها، تلوح في الأفق، تظهر فجأة، و تختفي فجأة، و على الإنسان أن يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفه.
عندنا :- شاب - و شابة.
الحب موجود و لكن من طرف واحد، المشاعر متأججة، الروح ملتهبة، و في المقابل: طموح فتاة بالتحصيل الأكاديمي كان عائقا أمام الحب و الأشواق.
المعادلة غير متكافئة، و لم يكتب لها النجاح.
قلت إن قلبه رجع ليخفق من جديد، و لكن لم أجزم أنه تخلص من آثار و أطلال ذاك الحب القديم.
التاريخ لا يكتب مرتين، و هذا صحيح، في كل مرة هناك تفاصيل مختلفة، و لكن أسوأ ما في التاريخ هو أنه يعود يوما.
و ما صاحبنا إلا شخص يعيش الماضي و يستحضر التاريخ كل يوم. و السلام.